الفعل أبلغ أم الكلام؟:
(قد يعتقد بعض الأزواج أنه بأفعاله تجاه بيته وزوجته وأولاده قد أكمل ما عليه من واجبات، وانتهت مسئولياته، وينس أن الإطار العام للحياة الزوجية من سكن ومودة ورحمة، وهو الحب بهذا المعنى الأشمل الذي يأخذ بين الزوجين معًا بعدًا أعمق وأرحب مما يؤخذ بين غيرهما، وقد يشهد الانتقال من مرحلة قبل الزواج إلى ما بعده، تحولًا من التعبير بالكلمات الجميلة والهدايا والمجاملات بأنواعها، إلى التعبير الصامت غالبًا لأفعال أهم وأكثر فاعلية ودلالة من الأقوال لكنها للأسف لا تكفي.
قد يُقال أن في الفعل ألف دليل ودليل على الحب أبلغ من الكلام، ولكن تلك هي نصف الحقيقة، لأن الله تعالى خلق للإنسان لسان فعله الكلام، وعلامة على التواصل.
الحوار ـ حتى الصاخب منه ـ علامة من علامات الحياة، حياة العلاقة ودفئها وتدفقها ومعناه أن الشريك يأنس بشريكه يهتم بأمره ـ ولو شغبًا أو اعتراضًا ـ ويحب الحديث معه، يتبادلان الضحكات أو الآراء أو حتى الاتهامات، ثم يصفو الجو أو يتكدر، فيتجدد الحب حين يتحرك تيار التواصل، أما الصمت حين يسود فالركود والبرود وجبال الجليد تنمو وتتضخم، وربما التمس الشريك الدفء والتواصل في مكان آخر أو مع أطراف أخرى) [المفاتيح الذهبية في احتواء المشكلات الزوجية, نبيل بن محمد محمود]
وتأملوا معي هذا الحوار:
يجلس الزوج أمام زوجته ممسكًا بكتاب، بينما هي تنظر إلى سقف الحجرة ضجرة ملولة أو بالأحرى فاترة خامدة ... إنها تشعر أن حياتهما معًا قد أصابها الجفاف.
لقد انعدمت كلمات الحب بينهما.
فاتحته: منذ متى لم أسمع منك كلمة حب واحدة؟
قال: ولكني أحمل لكِ حبًا في قلبي أنوء بحمله.
قالت: ولكني لا أدري عنه شيئًا.
قال: لأنه تعدى حدود الكلمات، إنه فوق الكلمات، لأنه من صميم الحياة لأنه أصبح هواءنا وغذاءنا ودماءنا.
يا حبيبتي إن الزوج والزوجة كيان واحد، ولا يمكن أن يخاطب الإنسان ذاته بالكلمات.
قالت: نعم، ولكن التعبير عن مشاعر الحب من الأمور التي تزيده وتنعشه، ولذلك كان من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم إلينا: (إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أنه يحبه) [صححه الألباني], قال: نعم، صدقتِ يا حبيبتي.
تصريح بالحب:
لقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بحب زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فلما رجعت قلت: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟
قال: (عائشة), فقلت: إنما أعني من الرجال؟ قال: (أبوها) [متفق عليه].
ومرة يرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم إليه، فدخلت وهو مضطجع مع عائشة في مرط لها، فقالت: يا رسول الله إن أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقال لها صلى الله عليه وسلم: (ألستِ تحبين ما أحب؟) قالت: بلى.
قال: (أحبي هذه) وأشار إلى عائشة رضي الله عنها [رواه مسلم].
ويبقى السؤال الآن, كيف يعبر كل طرف عن حبه للطرف الآخر؟
(إن عناقًا بسيطًا يمكن أن يعبر عن هذه الكلمات، لمسة يد أو تمريرة كف على الكف أو مداعبة الشعر، إن الرجال خاصة يحتاجون إلى فهم أن معظم النساء يحتجن إلى هذه التأكيدات على الحب والحنان، وربما هذه الكلمات والتأكيدات تكفي عند كثير منهن لأيام وشهور من الإمداد والسعادة.
وبالطبع فهناك طرق أخرى كثيرة للحنان والميل, مثل كارت معايدة أو ورقة مكتوب عليها "إني أحبك"، ولا تنس في كل الأوقات أن الورد هو المفضل وتراه النساء رسالة ذات تعبير قوي ورائع عن الحب والتقدير، كما أن إمساك اليدين وضغطهما برفق هو أيضًا تعبير عن الحب والميل، والمكالمات التليفونية، الحوارات والأحاديث، وكلها تضيف أرصدة جديدة إلى بنك الحب.
وأعلموا أن هناك مئات من الطرق كي نقول: "إني أحبك".
والخلاصة أن حاجة الشعور بميل الطرف الآخر كتعبير عن الحب هي في الأكثر من حاجات الزوجات, ولكن أيضًا يحتاج إليها الأزواج، وإن كان التعبير عنها يختلف [بالمعروف, د. أكرم رضا]
(إن المشاعر الرقيقة للحب في القلب لا تكفي وحدها ليبقى الحب بين الزوجين، ولكن إظهار هذه المشاعر وإخراجها من حيز القلب إلى الرحاب الواسع هو المطلوب، فالتعبير عن الحب بين الزوجين يزيده، فهل آن لك أن تقول لشريك الحياة أنك تحبه، وتحب الحياة معه؟) [حتى يبقى الحب, د. محمد محمد بدري]
وماذا بعد الكلام؟؟
أخبر شريك حياتك أنك تحبه.
منقووووووول
الأربعاء يونيو 10, 2009 4:27 pm
