ماذا لو سقط شخص ما من عينك لكنه لم يسقط من قلبك ؟
بعض أنواع السقوط لا يعادله مرارة سوى مرارة الموت !
فبعض الناس يسقط من العين ..
وبعضهم يسقط من القلب ..
وبعضهم يسقط من الذاكرة ..
والذي يسقط من العين يسقط بعد مراحل من الصدمة؛ والدهشة؛ والاستنكار؛ والاحتقار؛ وبعد محاولات فاشلة لتبرير اختياره هذا النوع من السقوط
!
أما السقوط من القلب فإنه يلي مراحل من الحب والحلم الجميل والإحساس بالضياع والندم ومحاولات فاشلة لإحياء مشاعر ماتت
!
أما السقوط من الذاكرة فإنه يبدأ بعد مراحل من التذكر والحنين وبعد معارك مريرة مع النسيان ناتجة عن الرغبة في التمسك بأطياف أحداث انتهت
.
وغالباً يكون السقوط من الذاكرة هو آخر مراحل السقوط، وهو أرحم أنواع السقوط
!
وليس بالضرورة أن الذي يسقط من عينيك يسقط من قلبك
!
أو أن الذي يسقط من قلبك يسقط من ذاكرتك
!
فلكل سقوط أسبابه التي قد لا تتأثر ولا تؤثر في النوع الآخر من السقوط ..
فبعض الناس يسقط من قلبك لكنه يظل محتفظاً بمساحاته النقية في عينيك،
فيتحول إحساسك المتضخم بحبه إلى إحساس متضخم باحترامه، فتعامله بتقدير،
امتناناً لقدرته السامية في الاحتفاظ بصورته الملونة في عينيك برغم مسح الصورة من قلبك
!
وهذا النوع من البشر يجعلك تردد بينك وبين نفسك كلما تذكرته: شكراً..
أما المعاناة الكبرى فهي حين يسقط من عينيك إنسان ما، لكنه لا يسقط من قلبك، بل يظل معلقاً بين مراحل السقوط من القلب والسقوط من العين، وتبقى وحدك الضحية لأحاسيس مزعجة
!
تحبه! لكنك بينك وبين نفسك تحتقره
وربما احتقارك له أكثر من حبك
!
ولأن الذاكرة كالطريق تلتقط معظم الوجوه التي تلتقيها، والتي قد لا يعني لك أمرها شيئاً، فإن السقوط من الذاكرة هو أرحم أنواع السقوط، لأنه آخر مراحل سقوطهم منك
!
فالذي يسقط من الذاكرة لا يبقى في القلب ولا يبقى في العين
!
ما أجمل أن نجد لأنفسنا أماكن دافئة في قلوب الآخرين وأعينهم
!
لكن الأجمل هو أن نحافظ على نقاء هذه الأمكنة!
وإذا قررنا يوماً السقوط فلنتجنب سقوط العين !!