كريستال نائب المدير
عدد الرسائل : 885 العمر : 34 المزاج : soOoOo haPpYyy البلد : مزاجي الان : المهنة : هوايتي : نقاط : 11979 تاريخ التسجيل : 09/11/2008
| موضوع: هل يجوز أن يقال فلان شهيد..؟! الإثنين مارس 30, 2009 6:13 pm | |
| من المسائل التي يُثيرها كثيرٌ من المنتسبين إلى العلم اليوم ما بوَّب عليه البخاري رحمه الله في صحيحه فقال : "بابٌ : لا يقولُ فلانٌ شهيدٌ". وأكثر فتاوى المنتسبين إلى العلم في بلاد الحرمين ، إن لم تكن كلُّها تحرّم تسمية من قُتل في معارك المجاهدين شهيدًا ، وكثيرٌ منهم له فتوى بتجويز إطلاق : "المغفور له" ، "المرحوم" ، وهذا يقع كثيرًا في ألسنة الناس ، ويكثُر في خطابات الحكومة وكتاباتها : "جلالة الملك المغفور له الملك عبد العزيز" ، أو نحو ذلك. والجمعُ بينَ تحريم إطلاق لفظة الشهيد ، وتجويز إطلاق المغفور له والمرحوم ، مع اجتماعها في الغرض المراد من التزكية على الله ، والقطع بالجنة وما يستلزمُها ، الجمعُ هذا من أبين التناقضِ وأظهرِه ، فعلى من جوّزه على معنى الرجاء من الله والفأل أن يُجوِّز ذلك في اسم "الشهيد" ، ومن منع إطلاق اسم الشهيد حذر التزكية فعليه أن يمنعه في المرحوم والمغفور له. بل إنَّ منع لفظ المغفور له ، والمرحوم أولى ، من جهتين : - النصّ واستعمال أهل العلم ، ويأتي. - المعنى ، لأنَّ الشهيد إخبارٌ عن عمَلٍ عمِله ، أمَّا المغفور له والمرحوم فإخبارٌ عن فعلِ الله فيه ، والأوَّل كما يحتمل التزكية ، يحتملُ الاسم الذي عُلِّقَت به الأحكام الدنيويَّة دون الحكم الأخرويّ ، أمَّا الثاني فما يحتملُ غيرَ الحكم الأُخرويِّ. وأمَّا تقريرُ جوازِ إطلاقِ اسم الشَّهيدِ فلا بدَّ قبلَه من تمهيد: فإنَّ الشَّريعَة جاءت للأعيان والأفعال بأسماءٍ وأحكامٍ ، وهي الأحكام الوضعيَّة والأحكام التَّكليفيَّةُ التَّعبُّديَّة. والمراد بالأحكام الوضعيَّة والتكليفيَّة : الأحكام الفقهيَّة لا الأُصوليَّة ، فإنَّ الحكمَ الأصوليَّ هو مُوجِبُ الحكمِ الفقهيِّ : من دليلٍ ، وسببٍ ومانعٍ وشرطٍ ونحو ذلك. والأحكام الوضعيَّة الفقهيَّة : منها الصِّحَّة والفساد ، والرخصة والعزيمة ، ولعدم التفريق بين الحكم الوضعي الفقهي والحكم الوضعيِّ الأُصوليِّ ، اختلَفَ الأصوليُّون في الرخصة والعزيمة والصحة والفساد هل هي من الأحكام الوضعيَّة أم لا؟ ومن الأحكام على معنى الأحكام الفقهيَّة دون الأُصوليَّة : الأحكام العقديَّةُ المذكورة في مسائل الأسماء والأحكام ، ومنها الكفر والإيمان والفسق والبدعة ونحوها. إذا عُلمَ ما تقدَّم : فإنَّ الأسماء والأحكام على قسمين: · أسماءٌ وأحكامٌ دُنيويَّة : تُبنى على الظَّواهِر ، اعتمادًا على أنَّ الأصل مطابقة الظاهر للباطن ، كإثباتِ اسمِ الإسلام لفلانٍ من الناس ، وقد يكون في باطن الأمر كافرًا مشتملاً قلبُهُ على ناقضٍ من نواقض الإيمان. ويترتّبُ الحُكم تبعًا لذلكَ بأحكام الإسلام الدنيويَّة له من: - موالاةٍ ونصرةٍ وعصمةٍ للدم والمال والعرض ، وكذا صحَّةُ إمامتِه في الصلاة ، ونكاحه بمسلمةٍ وفيه من الأسماء إثباتُ اسمِ الزَّوجيَّة ، ونحو ذلك من أحكام الحياة. - وغسلٍ وتكفينٍ وصلاةٍ ودفنٍ مع المسلمين وما إليها عند الموت ، وإرثٍ وترحُّمٍ عليه وما يلحقُ بذلك بعد الموت. · وأسماءٌ وأحكامٌ أُخرويَّة : فأمَّا الأسماءُ الأُخرويَّة ، فلا تعرف على اليقين في حقِّ الرَّجل المعيَّن إلاَّ في الآخرة ، عدا من فيه نصٌّ أو إجماعٌ كالأنبياء ومن بُشِّر بالجنَّة أو بالنَّار ، أو ثبتَ بيقينٍ موتُهُ على الكُفر. أمَّا ثُبوتُ موتِهِ على الإيمان بيقينٍ فمتعذِّرٌ لاشتراط موافقة الباطِنِ في صحَّة الإيمان دون الكفر ، وقد استثنى بعضُ أهل العلم من اجتمع الناس على الثَّناء عليه بالخير لحديث "وجبَت وجبَت" ، وهي مسألةٌ مشهورةٌ. وأمَّا الأحكَام الأُخرويَّة ، فأحكامُ النَّعيمِ والعَذَاب المترتِّبةُ على أسماء الإيمان والكفر فيما فيه خلودٌ ، وعلى ما دونهما من أسماءٍ وأفعالٍ فيما دون الخلود في النار. إذا تبيَّنَ هذا ؛ فإنَّ اسم الشَّهِيدِ يُطلقُ اسمًا دُنيويًّا ، كما يُطلق اسمُ الإسلامِ ، والأسماءُ المبنيَّةُ عليه دنيويًّا : فيكون فلانٌ زوجَ فلانةَ من المسلمين ، وفلانةُ زوجَهُ ، ويسمَّى إمام المصلّين إمامًا ، وتُعلَّقُ به الأحكامُ ، كما يُسمَّى الحاكم الَّذي لم يظهر منه كفرٌ بواحٌ : من عبادةِ غير الله ، أو حكمٍ وتحاكمٍ بغير ما أنزل الله ، أو تولٍّ لأعداء الله أو نحو ذلك ؛ يُسمَّى هذا الحاكم وليَّ أمرِ من تحت يده من المسلمين. وإطلاقُهُ اسمًا دنيويًّا : هو ما تواردَت عليه عبارات الفقهاء من جميعِ المذَاهِبِ في جميعِ العصورِ ، دون اختلافٍ أو نكيرٍ ، ورتَّبُوا عليه أحكامه الدنيويَّة : من ترك التغسيلِ باتّفاق الأربعة ، وعدم وجوب الصلاةِ عند الثلاثةِ عدا الحنفيَّة. ولا فرقَ بينَ أن تُسمِّيَ فلانًا مسلمًا ، وتُرتّب على ذلك أحكام الدنيا ، من تصحيح نكاحٍ وإمامةٍ ، وصلاةٍ عليه ودفنٍ في مقابر المسلمين ، وأن تسمِّيه شهيدًا ، وتُرتِّب عليه أحكام الدنيا من ترك الغسل والصلاة عليه. وتمامُ تحرير هذا البابِ ، أن يُقالَ : إنَّ إثباتَ الاسمِ والحُكمِ في الظَّاهِرِ ، إنَّما يكونُ حيثُ لا مُعارِضَ ، فمن ثبتَ فيهِ بالوحيِ ونصِّ المعصومِ صلَّى الله عليه وسلَّم نفيُ الاسم الَّذي يَقتضِيهِ الظَّاهرُ نفيناهُ وأحكامَهُ ، فإنَّ الظَّاهر ظنٌّ غالبٌ ، ونصُّ المعصوم يقينٌ ، ولا فرق في هذا بين : اسم الإسلام ، واسم الشهادة ، وغيرها. ودليلُ ما ذَكَرنا من جواز إطلاق اسم الشَّهيدِ : السُّنَّةُ من تقرير النبي صلى الله عليه وسلَّم وقوله ، والإجماعُ المأخوذُ من تسميةِ الصحابة والسلف والفقهاء على مرِّ العصور ، وتلازُمُ الاسم والحكمِ مع صحَّةِ الأدلَّة في إثباتِ الحكم للشهيد دون معارِض. فأمَّا تلازُمُ الاسم والحكم : فإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلَّم ، فالصَّحابة ، فمن بعدهم ، عاملوا قتلى المسلمين في المعاركِ معاملةَ الشَّهيدِ ، وحكموا لهم بكلِّ أحكامهم الدنيويَّةِ ، ويلزمُ من هذا إثباتُ الاسم الدنيويِّ ، لأنَّ الحكم فرعٌ عليه مُعلَّقٌ به. وأمَّا الإجماعُ : فقد سمَّى المسلمونَ قتلى المعارك شهداء ، فقالوا شهداءُ أحدٍ ، وشهداءُ بدرٍ ، وشهداءُ اليمامة ، وشهداء اليرموك ، وشهداءُ حطين ، وسُمِّي بعض العلماء بالشهيد كأبي الفضل ابن عمَّارٍ الشهيد صاحب جزء العلل على صحيح مسلم وغيرِه. وهكذا إلى اليوم : فيُقال : شُهداءُ القلعة وكابل وقندهار وغيرها في أفغانستان ، وشهداءُ الشيشان ، وشهداءُ فلسطين ، وشهداءُ البوسنة ، وشهداءُ العراق ، .....وغير ذلك ، تقبَّلهم الله جميعًا. وأمَّا السُّنَّة ، فقد روى مسلمٌ في صحيحه من حديثِ عمرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه : "لمَّا كان يومُ خيبرَ أقبلَ نفرٌ من صحابةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : فلانٌ شهيدٌ وفلانٌ شهيدٌ ، حتَّى مرُّوا على رجلٍ فقالوا : فلانٌ شهيدٌ ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كلاَّ ؛ إنِّي رأيتُه في النَّار في بردةٍ غلَّها أو عباءةٍ" ثمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم : "يا ابن الخطَّاب اذهب فنادِ في النَّاسِ أنَّهُ لا يدخل الجنَّةَ إلاَّ المؤمنون" قال فخرجتُ فناديتُ : ألا إنَّه لا يدخل الجنَّة إلاَّ المُؤمنونَ. فقد أقرَّهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم على تسميةِ من سمَّوا شهداءَ ، وحين أنكرَ عليهِم أنكرَ في حقِّ المُعيَّنِ الَّذي علمَ النّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم منه خلافَ ظاهِرِ حالِهِ ، ولذا علَّقَ وعلَّل صلى الله عليه وسلَّم إنكارهُ بأمرٍ مختصٍّ بهذا الغالِّ ، لا يشملُ غيرَهُ من المسلمين. ولو قيلَ بعمومِهِ للنهي عن تسمية كل قتيلِ معركةٍ بالشهيدِ ، كان المراد الجزم بذلك المتضمّن إثبات الاسم والحكم الأُخرويَّينِ ، بدليلِ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلَّم لمَّا أنكر عليهم ذكر حال الرَّجل في النار. ولعلّ هذا المعنى هو المقصود من ترجمة البخاري رحمه الله حين قال : باب لا يقول فلانٌ شهيد ، قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : "الله أعلم بمن يجاهد في سبيله ، والله أعلم بمن يُكلم في سبيله" ، ثمَّ أسند حديث سهل بن سعدٍ في الرجل الذي كان لا يدع للمشركين شاذَّة ولا فاذَّة إلاَّ اتّبعها يضربها بسيفه ، فقال فيه الصَّحابة : ما أجزأ منا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلانٌ ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم : "أما إنَّه من أهل النار" الحديث وفيه قتله نفسه ، وفي آخره قول النبي صلى الله عليه وسلَّم : "إنَّ الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس ، وهو من أهل النار". فما ذكره البخاريُّ في الترجمة وفي الباب ، ليس في شيءٍ منه النهي عن إطلاق اسم الشهيد ، وإنَّما النهي عن إطلاق أحكام الآخرة ، وما يستلزمها كما ترى ، وهذا كما يُقال في اسم الشَّهيد ، يُقال في اسم المسلم. فتلخَّص : أنَّ اسم الشهيد يجوز إطلاقُهُ اسمًا دنيويًّا ، كما يُحكم له بجميع أحكام الدنيا ، وأمَّا إطلاقُه اسمًا أخرويًّا فإن كان على وجه الجزم فهو المحرَّم الّذي جاءت فيه النصوص ، وهو كالشهادة بالجنَّة له ، وإن كان على وجه الفأل فالأولى تقييدهُ بالمشيئةِ احترازًا من توهُّم التزكيةِ الممنوعةِ. .............................. | |
|
محمد السوهاجى % عضو ذهبي
عدد الرسائل : 661 العمر : 36 الموقع : http://mahmod.own0.com/ العمل/الترفيه : نت كافية المزاج : حب فى القلب البلد : مزاجي الان : المهنة : هوايتي : نقاط : 12048 تاريخ التسجيل : 18/06/2009
| موضوع: رد: هل يجوز أن يقال فلان شهيد..؟! الثلاثاء يوليو 28, 2009 3:44 pm | |
| شكران على موضع الجميل تقبل مرورى اهلا وسهلا مع تحيت محمد ابو تريكة | |
|