لا حديث للناس طوال الأيام الماضية سوي عن حكم الاعدام الذي صدر في قضية مصرع اللبنانية سوزان تميم. في حق كل من محسن السكري ضابط أمن الدولة السابق، وهشام طلعت مصطفي رجل الأعمال. وعضو مجلس الشوري.
بكل تأكيد جاء حكم الاعدام مفاجأة للكثيرين، وبالأخص بالنسبة لهشام طلعت مصطفي، الذي كان الناس في مجالسهم يرددون أنه لن يحكم عليه بعقوبة كبيرة، وأن الحكم لابد ان يصدر بحبسه سنوات قليلة. يحصل بعدها علي حريته!
القضية منذ بدايتها اثارت اهتمام الرأي العام، محسن السكري كان مجهولا بالنسبة لأغلب الناس. أما هشام طلعت مصطفي فقد كان معروفا لمعظم الناس، واسمه وصور مشروعاته تملأ صفحات الجرائد وشاشات التليفزيون.
ولاشك أن مشاعر كثيرين قد تلونت بشماتة واضحة ضد هشام طلعت مصطفي. فهو مليونير ومشهور، وقد تكونت لدي كثير من الناس مشاعر حقد وغيظ تجاه الأغنياء، وخاصة اثرياء هذا العصر، الذي تحولت فيه ثرواتهم إلي كنوز خيالية!
وكان من الطبيعي أن يشعر هؤلاء بالشماتة في هشام طلعت مصطفي. وكأن كل واحد منهم يقول للآخرين:
> انظروا.. هذه هي النهاية السوداء للأغنياء وأصحاب الملايين.. حياتهم كلها انحراف وملذات والنهاية لابد أن تكون سوداء.. الحمد لله علي فقرنا وشرفنا!
> > >
وكان هناك ناس آخرون صدموا في هشام طلعت مصطفي. وتعجبوا من تورطه، في جريمة قتل بشعة مثل جريمة قتل سوزان تميم، بل إندهشوا من مجرد وجود علاقة عاطفية بين هشام طلعت مصطفي ومطربة لبنانية ناشئة مثل سوزان تميم. وصدموا عندما علموا أنه فكر في الزواج منها.
> وقال بعضهم: لقد كان في إمكان هشام أن يتعرف علي أجمل جميلات الدنيا، بدون زواج وبدون جريمة قتل. تؤدي إلي مثل هذه النهاية السوداء. لرجل معروف وثري وصاحب مستقبل عريض!
وتحدث آخرون ـ وهم قلة ـ أن هشام بريء. وأن الجريمة مدبرة بأحكام للقضاء عليه. واسقاط امبراطوريته العقارية الضخمة.
> وقال هؤلاء: أن هناك شخصا كبيرا أو جهة كبيرة. تمكنت من رسم سيناريو شيطاني. وكانوا يعلمون برغبة هشام في ايذاء سوزان تميم. بعد أن خدعته وهربت. وكانوا يعلمون باتفاقه مع محسن السكري علي قتلها. فتركوا الأخير يذهب إليها. لكنهم سبقوا في ارتكاب الجريمة!
وبغض النظر عن استحالة أو احتمالية هذا التصور. إلا أن كثيرا من الناس صدقوه ورددوه. ولايزالون حتي بعد صدور حكم الاعدام!
> > >
وبعض الناس يتحدث اليوم عما سيحدث عندما ستصل القضية إلي محكمة النقض.
ـ منهم من يقول: النقض سوف يؤيد حكم الاعدام!
ـ وبعضهم يقول بلهجة العارف ببواطن الأمور: بل أن المفاجأة أن النقض سوف يعيد المحاكمة من جديد. وسيحصل هشام طلعت مصطفي علي حكم مخفف بالسجن، بدلا من الإعدام!
هكذا أصبح كل واحد من الناس قاضياً. وخبيراً في قانون العقوبات، وعالماً بما يحدث علي السطح، وتحت الأرض!
كلنا أصبحنا بقدرة قادر.. قضاة!
وبعضنا أصدر حكم الاعدام قبل أن تصدره المحكمة!
وبعضنا يصر علي ربط الجناية.. بالسياسة!
ومن شعروا بالحزن والأسف علي هذه المأساة الدرامية لاذوا بالصمت في اسي!
أما الأغلبية فقد نفذت عقوبة الإعدام علي هشام طلعت مصطفي قبل أن ينفذه عشماوي مصلحة السجون!
أعدمناه بقسوة.. قبل حكم الإعدام.. وبعد حكم الإعدام؟
وهكذا أصبحنا كلنا.. شرفاء وأبرياء!
وهشام طلعت مصطفي.. هو المذنب الوحيد!
لهذا أعدمناه في ميدان عام.. ميدان الصحافة والتليفزيون!
الجوكر