إنّ الأرض التي نمشي عليها أو التي نبني عليها مساكننا هي في الحقيقة طبقة رقيقة نسبياً من الأرض تدعى بـ”القشرة”، وهذه القشرة تسبح فوق طبقة أسمها ((الصهارة أو الماغما))ولو لم تكن هناك ضوابط مهمتها السّيطرة على جميع أنواع الحركة على هذه القشرة .
وتُعَدُّ الجبال من بين هذه الضّوابط، فلولا الجبال لحدثت هزات و زلازل بشكل دائم على الأرض، وبالتّالي تكون غير ملائمة أبداً للحياة. فالجبال و امتداداتها في عمق الأرض السحيق تمتصّ إلى حدّ كبير الاهتزازات الحاصلة على سطحها.
و نشأت الجبال بفعل تحرّك الطبقات الكبيرة المؤلفة لقشرة الأرض واصطدامها بعضها مع بعض، وإذا اصطدمت طبقتان من هذه الطبقات تكون الطبقة الأكثر متانة تحت الطبقة الأقل متانة، ويحدث في الطّبقة الفوقيّة تحدّب و بذلك تنشأ الجبال.
أما الطبقة السفلية فتتوجه نحو عمق سحيق وتمتدّ استطالاتها نحو العمق، أي إن الجبال التي نراها شاهقة الارتفاع لها من الاستطالات الجذرية ما يعادل جزأها الظاهر فوق الأرض، وهذا يعني أن الجبال مغروزة غرزاً في قشرة الأرض وباتجاه العمق.
والجبال بهذه الخصائص تُعَدُّ مناطق التحام بين الطبقات السّطحية للأرض، وبهذا الشكل تكون الجبال عاملاً يشدّ من بنيان القشرة الأرضية ويمنعها من الانزلاق فوق طبقة الـ “الماغما”. و يمكن لنا أن نشبّه الجبال بالمسامير التي تربط قطع الخشب بعضها مع بعض. والجبال بهذه الخاصية، تستطيع أن تثبت حركة القشرة الأرضية و تمتص جميع الاهتزازات التي تحدث فيها.
وهذه الجبال التي تبدو لنا عملاقة في حجمها و شكلها لها أهمية كبيرة من ناحية الحفاظ على الموازين الأخرى في الطبيعة وخصوصاً في التوازن الحراري للأرض. فالحرارة تتوزع بصورة متوازنة نتيجة وجود الجبال كعامل مؤثر في هذا التوازن.
هناك فارق حراري بين خط الاستواء و القطبين يصل مداه إلى 100 درجة مئوية، و لو وجد مثل هذا الفارق الحراري على سطح قليل الانحناءات لحدثت رياح رهيبة تصل سرعتها إلى 1000كم/سا و أحالت الدنيا إلى جحيم لا يطاق، ولكن هناك موانع انحنائية تهدئ من سرعة الرياح المتولدة من هذا الفارق الحراري.
إن هذه الموانع الانحنائية تتمثل في السّلاسل الجبلية التي تبدأ في الصين، وتدعى بسلسلة جبال الهمالايا، وتمتد إلى الأناضول و تدعى بسلسلة جبال طوروس، وتستمر إلى أوربا، وتدعى بسلسلة جبال الألب وحتى المحيط الأطلسي غرباً والمحيط الهادي شرقاً.
فالجبال تُعَدُّ آية من آيات الله الكثيرة الموجودة في كل مكان. فالأرض قد خلقها الله بهذه الآيات البينات كي تكون ملائمة لحياة الإنسان. وعلى الإنسان الذي يشاهد هذه الآيات كل يوم ويتأمل فيها أن يظهر العبودية والطاعة لله رب العالمين. فالإنسان محتاج إلى رحمة الله ونعمه في كل لحظة، أما الله سبحانه و تعالى فغني عن العالمين.
منقوووول