تعد ظاهرة العنف من أهم الظواهر التي تمثل انتهاك حقوق الإنسان وحريته، وتهدد استقراره النفسي والاجتماعي معاً، وكما يعرف العنف بأنه السلوك الذي يؤدي إلى إيذاء الآخرين ويكون العنف إما على شكل جسدي كالضرب واللكمات والجروح، أو على شكل لفظي بالشتم والسخرية والاستهزاء، وحتى اللامبالاة تعد إحدى أشكال العنف.
عادة الفئة الأضعف في المجتمع هي ضحية العنف وهم الأطفال والنساء، فهم أضعف جسدياً ومادياً وقيادةً في المجتمع، وفي مجتمعنا يشكل الأب الموقف الأقوى في الأسرة، وقد يجعل بعض الآباء موقفه في القوة والقيادة، لتفريغ ضغوطات اليأس والإحباط على شكل اضطهاد وعنف على أسرته.
يمثل الضعف المادي أحد أهم الضغوطات التي تؤدي إلى العنف الأسري، ونجد هنا أن الأب هو المسئول عن الجانب الاقتصادي للأسرة، وإذا كان الدخل المادي للأب لا يغطي مصاريف أسرته، أو بسبب تراكم الديون عليه، فإن ذلك يسبب له عجز عن توفير متطلبات ومستلزمات المعيشة لأسرته، وتكرر ذلك بشكل مستمر يسبب له إحباطاً ويأساً في كيفية توفير تلك المتطلبات المعيشية، مما يؤدي إلى زيادة الضغوط المادية التي تتراكم مع مرور الوقت، وتتحول تلك الضغوط إلى انفجار عنيف على أسرته.
نجد هنا أن بعض الأطفال يكونون أكثر تأثيراً وتحسساً بمواقف العنف والاضطهاد من غيرهم، لذا يصبح لديهم الخوف والاكتئاب الذي يؤدي إلى العزلة والانطوائية التي تعيق نمو الفرد في المجتمع بسبب قلة تفاعله واحتكاكه بالآخرين لذلك تصبح لديه صعوبة التعبير عن أفكاره ومشاعره تجاه المجتمع.
لذلك أصبح الطفل عرضه للعنف المدرسي من قبل زملائه الطلاب، ويكون العنف ضده على شكل لفظي كالاستهزاء به واستخدام التعليقات والألفاظ المغلوطة عليه وربما تكون بشكل مستمر، أو تكون بإهماله وعدم المبالاة لوجوده بعدم الجلوس والصحبة معه، الناتجة عن اعتقاد زملائه الطلاب بأنه أصبح للتسلية وفرصه من أجل إظهار شخصياتهم عليه، ويحتار كيف يتعامل معهم ولا يعرف ماذا يفعل وما ردة الفعل المناسبة لهذه المواقف، فليس له حل سوى إن يسكت، لأنه من طفولته اعتاد على السكوت عندما كان يعنف عليه في المنزل، مما يؤدي في النهاية بهذا الشخص للشعور بالوحشة تجاه زملائه، وشعوره بعدم استقراره النفسي في المدرسة.
إن الجهل وعدم تنمية العقل يجعل أفكار الإنسان ومعتقداته متقوقعة حول العادات والتعصب الثقافي، كاعتقاد أن الزوجة والأبناء جزء من ممتلكاته الخاصة وله الحق في التصرف بهم كيفما يشاء، أو يعتقد إن العنف والشدة هما السلوك الفعال مع الزوجة لكي تحترمه وتقدره، كقول بعضهم “إذا أردت أن تحترمك زوجتك أعطها العين الحمراء”، وكذلك يعتقد أن ضرب الأبناء هو التربية الصحيحة لكي يكونوا معتمدين على أنفسهم كقول الأب لأبنه “أنا ما ضربتك إلا عشان تصير رجال وتعتمد على نفسك”.
كلما نما عقل الإنسان كلما كان أكثر تحكماً وإدراكاً للحياة، وبالعقل المتطور والمتحضر يتغلب الإنسان على الضغوطات المادية وعلى العادات المتعصبة التي تؤدي إلى سلوك العنف.
منقوووول