سؤال لن اجيب عنه وانما اكتفي بأن احيل المواطن المصري الى مئات الفضائيات العربية والاجنبية ليقارنها بما يقال في فضائيات الريادة المصرية ، لا استطيع ان اتخيل الى الآن ان مصر وعدد من الدول العربية وقعت ضحية خديعة اسرائيلية ادت الى ارسال رسائل التهدئة المصرية الى قيادات حماس الامر الذي ادى الى مضاعفة حجم الدمار والقتل بسبب عامل المفاجأة ورسائل الخديعة .
نحن امام موقفين لا ثالث لهما اما ان مصر والعالم العربي تعرض الى خديعة هائلة قبل شن الحرب علي غزة بيوم واحد وهو امر ما كان يجب ان يمر على فطنة القيادة المصرية او ان قدرا من التنسيق قد حدث على مستوى معين تمهيدا لهذه المجزرة .. كلا الموقفين مشين ومخزي وفاضح .
كيف يعقل ان يتم ضرب حدود دولة -اي دولة مهما صغر حجمها- بهذا الكم الهائل من الطيران دون ان تتحرك هذه الدولة لحفظ ماء وجهها بابداء الامتعاض او التقزز او حتى الشجب والادانة الذان اعتدنا عليهما طوال 27 عاما خلت .. لا يمكن ان تسطيع احد في الكون ان يقنعني ان هذه الدولة لم تأخذ الاذن من الدولة الاخرى بفعل ذلك .
الامر اصبح واضحا الآن ولا مجال فيه للمزايدات والايضاحات .. القيادة السياسية المصرية ستناصر اي فئة او طرف يعمل على محو قيادة حماس من غزة واعادة الامور الى شلة من الخونة ومهربي التليفونات المحمولة والساقطين في فضائح جنسية في رام الله .. مصر لن تسمح بإقامة حكم اسلامي على حدودها -حسب تصريح الدكتور مصطفى الفقى قبل عدة ايام- ولن تسمح بوجود ظل لجماعة الاخوان المسلمين على حدودها حتى ولو كلف الأمر الكثير.
بالله عليكم لماذا احتشد العشرات من المواطنين اللبنانيين امام السفارة المصرية في بيروت وفي ايران وفي السودان وفي غيرها وغيرها ؟ هل لا زالت القيادة المصرية لا تشعر بحجم المهانة الذي يشعر بها مواطنوها امام كل هذا الحجم الهائل من السباب والاحتقار الذي تواجهه بعثاتنا الدبلوماسية ان لم يكن مواطنيها في العالمين العربي والاسلامي بسبب تصرفات لا يحكمها الا وجهة نظر ضيقة الأمور؟
للاسف كان لدى من تظاهر من العرب والمسلمين شعور بالخيانة والطعن في الظهر بيد من كان من المفترض به ان يساعد على الحياة لا ان يستقبل التوابيت ويرسل بالضمادات .
وكالعادة شرعت الالسنة السليطة والاقلام غير الشريفة وبعض الإعلاميين الذين ينخدع فيهم المواطن البسيط يوميا في البرامج الحوارية للسب والطعن في المقاومة الفلسطينية -وبالطبع حماس الاخوان المسلمين- بأسوأ الكلمات بل وإلقاء اللوم عليها بأنها السبب في تفاقم الامور بتمسكها بالسلطة وعدم تجاوبها مع "الجهود المصرية للتهدئة" والإشادة بالدور المصري في مساندة القضية الفلسطينية .. يا قوم .. يا شعب .. هؤلاء قوم غيرنا .. هؤلاء قوم رفضوا عيشة الذل التي نحياها ليل نهار .. هؤلاء لا يرضون بالخنوع والخضوع والاكتفاء بلقمة ووظيفة وتربية الاطفال لتنتهي حياتهم البائسة .
لقد صدمت القيادة المصرية من حجم التصميم والارادة الفلسطينية بعدم قبولها اي حلول من نوعية لي الذراع وفرض الأمر الواقع وتغيير قواعد اللعبة .. وهو ما ادى الى مضاعفة حجم الحنق المصري لاستشعارها بأن خيوط اللعبة لم تعد بأيديها وأن من كانت تظنهم مجموعة من الهواة وخطباء المساجد أدهى منهم سياسيا.. حماس ليست فتح .. حماس ليست مجموعة من الخونة المرتشين .. هي قيادة شرعية منتخبة لم تأتِ على هوى الأنظمة العربية التي تسوقها أمريكا وإسرائيل كقطيع الغنم أمامها
والله اني لأشعر بالخزى والعار وأنا أرى دولة بحجم مصر تهان كل هذه الإهانات على الفضائيات والصحف ولا أعرف كيف يمكن ان يواجه المواطن المصري المغترب نظرات العرب والمسلمين اليه .
والى من يطالب حماس بالرد ويستهزئ بها ويراها اضعف من ان تتصدى لاسرائيل .. كيف تقارنون حماس بحزب الله او تطالبوها برد مماثل ؟ فحزب الله لم ينكر انه تلقى مساعدات من ايران وسوريا وتسلح خلال حرب العصابات التي دارت بينه وبين جيش الاحتلال الاسرائيلي باسلحة جيدة أمنت له قدرا كبيرا من الردع .. اما غزة واهلها .. فمن اين لهم بالمدد ؟ فالحدود البحرية تراقبها اسرائيل و معبر رفح نافذتهم الوحيدة على العالم تقوم مصر يوميا بتفجير الانفاق التي تمر من تحته حاملة الغذاء والدواء وليس السلاح بالطبع .. حقيقة هذا سؤال لا يصدر الا من شخص "لا يعي ما يقول" .
واعود الى كتاب السلطة وأقول .. لا تلعبوا على وتر الاستقرار في مصر .. استقراركم هذا هو الذي جعلنا شعبا منبطحا .. استقراركم هذا هو ما جعل العالم يلوك سيرتنا صباح مساء ويصفنا بأقذع الألفاظ .. استقراركم هذا افقد مصر دورها وهيبتها ومكانتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل العالم .. لا تلعبوا بعقول المواطن البسيط لتوهموه بأننا نطالب بالحرب .
هل يعتبر قطع الغاز المصري عن اسرائيل اعلان حرب؟
هل يعتبر وقف تصدير الاسمنت المصري والحديد المسلح لبناء الجدار العازل اعلان حرب؟
هل يعتبر وقف تصدير البترول عبر قناة السويس الى اسرائيل اعلان حرب؟
هل مرور الغذاء والدواء والمساعدت الانسانية يحتاج الى اذن اسرائيل ؟ وهل لو كانت فتح هي المسيطرة على المعبر كان سيصبح الموقف كما هو الآن؟ ، كل هذه حلول كان من الممكن ان تحفظ لي ماء وجهي كمواطن مصري .. ولكن هيهات .. مصالح البعض اهم بالطبع .. اسقاط حماس الاخوان اهم .. لا يهم تشويه صورة مصر او سمعتها .
سؤال اخير .. هل يعقل ان تسير قيادة سياسية في دولة بعكس ما يطالب به شعبها .. والاجابة بسيطة : يعني هو الشعب كان اختارها اصلا !!