قلمي أخذ استراحة بما يكفي ...
بعدما أخذت قلمي ودفنته تحت الرمال ،وجمعت أوراقي المتناثرة هنا وهناك، ووضعتها في صندوق مقفل بمفتاح حديدي ، وعدت إلى غرفتي ، راودني إحساس غريب، شيء ما يصرخ بداخلي ، شيء ما يود التحرر والخروج لرؤية النور مجددا ،آه انه يمزق أشلائي
حاولت تناسي الألم لكني لم أستطع لذلك سبيلا.
مرت الأسابيع، ومرت الشهور، لكنه نفس الألم لازال يفتك بي ، تهدمت على باب منزلي وجلست أتأمل ملهم الشعراء ، جلست أتأمل القمر الذي يسبح في سماء تجهمت في وجهي وأطلقت حبال ظلامها لتحوطني من كل جانب. وبعد وهلة من الزمن، سمعت صوتا خافتا يهمس من داخلي، فقلت بصوت مبحوح من أنت؟ فأجابني: أنا ألمك ، وأنا قلمك،أنا تلك الدمعة البريئة التي لطالما ذرفتها رثاء على الضعفاء، أنا ذلك الشعور النبيل الذي كان نورا لقلبك،أنا ضميرك .
ضميري ؟ أو تمزح؟ أ للضمير لسان ليكلمني بهذه الطلاقة؟
فضحك ضحكة استهزاء وقال: يا بنت حواء، حاولت أنت وكثيرون من قبلك أن تجعلوني شيطانا أخرس، وحاولتم أن تسجنوني وراء
قضبان قلوبكم ، وتكبلونني بحبال شرايينكم لكن دون جدوى ، فصوت الحق دائما أعلى،حتى ولو حاولت أن تعيشي في ظلمة ليل داكن وتسكتيني رغما عن أنفي فمحاولاتك ستبوء بالفشل.
ضقت درعا بك اسكت، كفاك كلاما يكفيني تجهم السماء في وجهي، تكفيني حبال الظلام التي تلف عنقي محاولة خنقي، يكفيني هذا الصمت الذي يوحي بأني في قبر وأنا حية أرزق.
كل هذا تشعرين به ، ولم تحاولي التخلص منه؟
وكيف سأفعل؟ فقد حاولت مرارا وتكرارا لكنني أتعثر في الطريق.
وبكلمات لم أنساها أجاب: التعثر ليس عقبة تقف أمام الوصول إلى المبتغى، أو تحول دون النجاح ، بل هو دافع للمضي قدما .
أعيدي قلمك وأوراقك ،واجعلي شعلة النور والحق تضيء سمائك مجددا، وتكلمي مجددا بصوت من هضمت حقوقه ،وارفضي الظلم ما دمت حية.
حينها استفقت ، فوجدت نفسي ملقاة على حافة السرير ...
ياه ! كل هذا كان حلما ؟ حتى ولو كان فإنه نداء واجب.
فأسرعت إلى دولابي وأخذت قلمي وأوراقي وبدأت تدوين بضع سطور عن الحلم الذي راودني وكانت تلك خطوتي الأولى للتحرر من الظلام بعدما أن أعدت سلاحي ليدي ألا وهو قلمي...سأكتب عن ألم الناس، نعم ، سأفعل، لن أجلس مكتوفة اليدين بكماء بعد الآن، فقلمي أخذ استراحة بما يكفي...